الأحد، 1 يناير 2012

مدخل مخاطر المراجعة Audit Risk Approach

مدخــل مخاطـــر المراجعـــة

مقدمة
                إن المطلع على أحدث الاتجاهات البحثية فى مجال المراجعة ، يجد أن هناك تركيزاً متزايداً على موضوع مخاطر المراجعة ، والبحث فى كيفية قيام مراقبى الحسابات بتقدير تلك المخاطر رغم ما يكتنف ذلك من صعوبات ، وتطبيق إجراءات واختبارات المراجعة المناسبة من أجل الوصول بالمخاطرة النهائية إلى المستوى المقبول فى ضوء الالتزام بتطبيق معايير المراجعة المتعارف عليها. يهدف تقرير المراجعة ، الذى يصدره مراقب الحسابات ، إلى إضفاء الثقة على القوائم المالية لمنشآت الأعمال ، الأمر الذى يعنى زيادة الاعتمادية على المعلومات الواردة بالقوائم المالية فى عملية اتخــاذ القرارات، وتواجه مهنة المراجعة خلال الآونة الأخيرة عدد من التحديات من جانب مجتمع الأعمال ، خصوصاً بعد الانهيارات المالية التى شهدتها عدد من الشركات العملاقة والتى كانت قوائمها المالية ، تُراجع من قبل بعض مكاتب المراجعة التى كانت تصنف باعتبارها من الكبار ، وخصوصاً وأن تلك الانهيارات المالية حدثت بالرغم من إصدار تقارير مراجعة تؤكد عدالة عرض القوائم المالية ، فى التعبير عن المراكز المالية ونتائج عمليات تلك الشركات.


تتطلب المسئولية المهنية من مراقب الحسابات ممارسة أسلوب الشك المهنى وأن يكون مدركاً لإمكانية حدوث تحريفات هامة ومؤثرة ناتجة عن الغش والتدليس وذلك على الرغم من الخبرة السابقة لمراقب الحسابات ، فيما يتعلق بأمانة ونزاهة إدارة منشأة العميل محل المراجعة ، ويتحقق ذلك من خلال القيام بالإجراءات التى تمكنه من الحصول على المعلومات التى تستخدم فى تحديد مخاطر التحريفات الهامة والمؤثرة ، الناتجة عن الممارسات المحاسبية ، والتى تؤدى إلى إعداد قوائم مالية مضللة ، إضافة إلى تحديد وتقييم مخاطر التحريفات الهامة والمؤثرة الناتجة عن تلك الممارسات ، على مستوى القوائم المالية محل المراجعة ، على أساس أن تقرير مراقب الحسابات ، يصدر متضمناً الرأى المهنى عن عدالة عرض القوائم المالية ككل.
طبيعةمخاطر المراجعة
                تعتبر المخاطرة التى تتضمنها عملية المراجعة من العوامل الهامة ، التى يجب أن يأخذها مراقب الحسابات فى الاعتبار ، سواء عند اختياره للعميل أوعند تخطيطه لعملية المراجعة ، وعند تصميم إجراءات المراجعة الملائمة ، وعند تجميع وتقييم أدلة وقرائن المراجعة ، وذلك فى سبيل إبداء الرأى الفنى الموضوعى فى عدالة عرض القوائم المالية محل المراجعة كوحدة واحدة.  يلاحظ أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال تجاهل موضوع مخاطر المراجعة ، كمدخل رئيسى لأداء العمل المهنى لمراقب الحسابات وفقاً لما تقضى به معايير المراجعة، حيث أنه مما لاشك فيه أن قيام مراقب الحسابات بتحديد درجة المخاطرة فى عملية المراجعة ، يعتبر أحد المتطلبات الأساسية لتحديد نطاق ومجالات اختباراته للعمليات والحسابات ، والتى تكون فى مجموعها القوائم المالية محل المراجعة ، وتحديد الإجراءات الإضافية التى يتعين عليه القيام بها ، وكمية ونوعية أدلة الإثبات التى يستلزم الحصول عليها وذلك بغرض تحقيق الدقة فى عملية المراجعة والتأكيد على عدالة عرض القوائم المالية محل المراجعة أو عدمها ، ناهيك عن كون تلك الإجراءات تعمل على تخفيض تكاليف عملية المراجعة من ناحية ، وتحمى مراقب الحسابات من المساءلة القانونية من ناحية أخرى ، وهو الأمر الذى يستلزم من مراقب الحسابات تحقيق الكفاءة والفعالية فى عملية المراجعة.
          إن مخاطر المراجعة هى أمر واقع يتهدد مراقب الحسابات سواء أكان يقوم بتطبيق مراجعة تفصيلية أو يعتمد على المراجعة الاختبارية ، كذلك فهى مفهوم نسبى ، يرتبط بأحد معايير العمل الميدانى للمراجعة ، والذى يطلب من مراقب الحسابات تجميع أدلة إثبات كافية وملائمة ومقنعة لتأييد الرأى الذى يصل إليه. ويجب على مراقب الحسابات الحاذق أن يتفادى احتمالات الوقوع فى تلك المخاطر ، أوعلى الأقل يعمل على تخفيضها إلى أدنى حد ممكن ، وذلك ببذل أقصى حد ممكن من العناية المهنية ، مع الالتزام الحازم بالتطبيق الفعال لما تقضى به معايير المراجعة.
          يعد مراقب الحسابات باحثاً ومقرراً لعدالة عرض القوائم المالية ، ويعمل فى بيئة تتسم بعدم التأكد أو المخاطرة ، وعليه أن يطرق كل باب من الأبواب التى تقلل من درجة عدم التأكد ، وتؤدى به إلى مرتبة اليقين أو ما دونها بقليل فيما يتعلق بالرأى الفنى الموضوعى المحايد بالنسبة لعدالة عرض القوائم المالية محل المراجعة. ويمكن القول أنه طالما وجدت قوائم مالية تخضع للمراجعة ، فعلى من يقوم بمراجعتها وإبداء رأيه المهنى فى عدالتها ، أن يدرك تماماً مشكلات تقدير المخاطرة المتعلقة بهذا العمل ، وان يستعد لقبول درجة من هذه المخاطر ، وأن يخطط لأعمال المراجعة ، بشكل يؤدى إلى أن تكون مخاطر إصدار رأى غير ملائم ، منخفضة إلى أدنى حد ممكن ، بحيث يتم تحقيق توقعات مستخدمى القوائم المالية ، فيما يتعلق بعدالة عرض هذه القوائم وتمثيلها لنتيجة النشاط وللمركز المالى للمنشأة.

مستويات المخاطرة فى عملية المراجعة
          إن تقدير مستوى المخاطرة فى عملية المراجعة يعتبر المفتاح الرئيسى لضبط تلك المخاطرة ، ويلاحظ أن خطر المراجعة الذى يمكن ان يقبلة مراقب الحسابات يعتبر قراراً إقتصادياً يحتاج إلى تحليل التكلفة والعائد ، فالعوائد المحتملة من قبول مستوى خطر مراجعة مرتفع هى وفورات فى تكلفة عملية مراجعة تتحقق نتيجة القيام بإختبارات أقل وأيضاً من الزيادة المحتملة في أتعاب عملية المراجعة الناتجة من قبول عملاء مراجعة جدد ، أما التكاليف المحتملة من قبول مستوى خطر مراجعة مرتفع فإنها تتمثل فى العقوبات القانونية التى يمكن أن يتعرض لها مكتب المراجعة ، وأيضاً الإنخفاض فى شهرة هذا المكتب ، الأمر الذى قد يعنى فقد العملاء.
توجد ثلاثة مستويات للمخاطرة فى عملية المراجعة يجب أن يأخذها مراقب الحسابات فى الإعتبار عند القيام بأداء واجبة المهنى وقد يتم التعبير عنها بصورة محددة (كنسبة أو إحتمال) أو يتم التعبير عنها بصورة غير محددة كمدى معين يقع بين حدين أدنى وأقصى وذلك بإستخدام معامل ثقة معين. وفيما يلى بيان بتلك المستويات.


1- المخاطرة المخططةPlanned Risk :
هى تلك المخاطرة التى يتم تحديد مستواها قبل دراسة وتقييم نظام الرقابة الداخلية والقيام بإجراءات المراجعة ، وتعتبر هذه مخاطرة هى مجرد تقدير أولى لإحتمال وجود خطأ جوهرى فى القوائم المالية محل المراجعة.

2- المخاطرة النهائيةFinal Risk :
هى تلك التى تعبر عن المستوى النهائى للمخاطرة في عملية المراجعة والذي يقدرة مراقب الحسابات بعد إتمام جميع إجراءات المراجعة التحليلية والتفصيلية.

3- المخاطرة الفعلية :Actual Risk
وهى التى تعبر عن المستوى الحقيقى للمخاطرة والذى لا يعلمه مراقب الحسابات ، حتى بعد الإنتهاء من جميع إجراءات عملية المراجعة ، وإصدار تقرير المراجعة، حيث يكون هذا المستوى موجوداً فقط من الناحية النظرية.
          ويمكن أن تقسم مخاطر المراجعة من حيث مستواها إلى ما يلى:

1- المخاطر العادية للمراجعة Normal audit risk:
تتواجد المخاطرة العادية في جميع انواع المراجعات، فبرغم قوة أدلة الإثبات والعناية المهنية لمراقب الحسابات ، فإنه قد يوجد دائماً إحتمال وجود خطأ ما أو واقعة غش لا يتم إكتشافها. ومن المؤشرات الدالة على وجد مستوىً من المخاطر يعتبر عادياً ما يلى:

-       أن تكون الخبرات السابقة لمراقب الحسابات فى مراجعة منشأة العميل قد أظهرت مستوىً عادياً من المخاطرة.
-       وجود تكامل وتوافق بين إدارة وموظفى منشأة العميل.
-       ان يكون النظام المحاسبى لمنشأة العميل مصمماً بصورة جيدة ويحتوى على رقابة داخلية فعالة.
-       عدم وجود مشكلات تمويلية في منشاة العميل.
-       أن تكون منشأة العميل مستقرة ولا تخضع أنشطتها للتغيرات أوالتقلبات المفاجئة.
-       أن اعضاء مجلس الإدارة أو المديرون مرتبطون بالمنشأة ويقومون بمهام الرقابة والقيادة بصورة فعالة.
-       أن إدارة المنشأة تضم مديرون مؤهلون بالإضافة إلى وجود لجنة فعالة للمراجعة.

2- المخاطر غير العادية Higher than normal audit risk:
يوجد هذا المستوى غير العادى من المخاطرة فى بعض المراجعات نتيجة وجود ظروف خاصة بالمنشأة محل المراجعة ومن المؤشرات الدالة على وجود مستوى من المخاطرة يعتبر غير عادى ما يلى:
-       أن تكون الخبرات السابقة لمراقب الحسابات فى مراجعة عمليات العميل قد أظهرت مستوى غير عادى من المخاطرة.
-       أن تتضمن الخطط المستقبلية لمنشأة العميل إصدار أسهم إضافية أوتجزئة الأسهم أو شراء اسهم خزانة.
-       وجود رافعة مالية كبيرة.
-       وجود مشكلات سيولة.
-       وجود إدارة ضعيفة غير مؤهلة.
-       وجود ضعف فى نظام الرقابة الداخلية، او فى أحد جوانبه.
-       وجود تغيرات فى ملاك المنشأة محل المراجعة او فى النظام الرقابى أوالإدارى المطبق.
-       وجود معدل دوران سريع للعمالة بالمنشأة.
-       وجود تغيرات في الإجراءات والسياسات المحاسبية.
-       الإعتماد على منتج وحيد أو مجموعة محدودة من العملاء أو من الموردين.
-       وجود إستثمار حديث كبير فى أحد الصفقات أو المنتجات.
-       وجود مشكلات خاصة بطبيعة نشاط منشأة العميل ، كما هو الحال فى صعوبة جرد المخزون او مشكلات تقييمه.
-       دخول المنشأة فى منازعات قضائية.

تعريف المخاطرة فى عملية المراجعة

أولاً : من حيث أسبابها:
تُعرف المخاطرة فى عملية المراجعة على أنها إحتمال فشل إجراءات المراجعة في الكشف عن الأخطاء الهامة (الجوهرية) التي يمكن حدوثها وبقائها بدون إكتشاف – وعلى مراقب الحسابات أن يأخذ في الإعتبار عند التخطيط لعملية المراجعة التنسيق بين كل من هدف تدنية المخاطرة في عملية المراجعة، وهدف تحقيق فائض من الإتعاب التي يحصل عليها بعد تغطية مصروفات عملية المراجعة. وعلى ذلك فإنه يجب على مراقب الحسابات ان يتجنب زيادة إجراءات واعمال المراجعة في الحالات الأقل تعقيداً وذات المخاطرة المنخفضة، او تقليل إجراءات واعمال المراجعة في الحالات المعقدة وذات المخاطرة المرتفعة.
ويلاحظ أنه في مجال تعريف مخاطر المراجعة من زاوية المسببات المنشئة لها، يتم التفرقة بين ما يطلق علية خطر المراجعة الكلى Overall audit risk وخطر المراجعة على مستوى الحساب أو البند محل المراجعة Individual audit risk وذلك كما يلي:
خطر المراجعة على مستوى الحساب أو البند
خطر المراجعة الكلي
- إحتمال فشل مراقب الحسابات في تاكيد الرصيد الصحيح للحساب     أو للبند محل المراجعة.
-   يعتبر جزءاً من خطر المراجعة الكلي.
- قد يكون ناتجاً عن جود خطأ جوهري أوهام في رصيد حساب معين، ويفشل مراقب الحسابات في إكتشافه.
- يتوقف مستوى هذا الخطر على الأهمية النسبية التي يشكلها رصيد الحساب أوالبند محل المراجعة.
- إحتمال فشل مراقب الحسابات في إعطاء تقرير صحيح عن مدى عدالة القوائم المالية في التعبير عن المركز المالي أونتائج العمليات.
- عبارة عن محصلة لمجموع مخاطر المراجعة على مستوى الحسابات اوالبنود محل المراجعة.
- قد يكون ناتجاً عن مجموعة من الاخطاء الهامة أو الجوهرية في القوائم المالية محل المراجعة، ولايتم إكتشافها.
- قد يكون ناتجاً عن عدم مقدرة مراقب الحسابات على التاكد من ان المنشاة محل المراجعة تقوم بتطبيق سياسات أومبادئ محاسبية تلقى القبول العام مع الثبات على تطبيقها من فترة لاخرى.
ثانياً : من حيث نتائجها:
تُعرف المخاطرة في عملية المراجعة بأنها إحتمال تعرض مكتب مراقب الحسابات للخسائر المباشرة، نتيجة قيام بتعويض مستخدمي القوائم المالية للمنشأة محل المراجعة، عن ضرر قد تحقق بسبب إصداره رأياً غير سليم عن مدى عدالة القوائم المالية محل المراجعة، وكذلك للخسائر غير المباشرة المتمثلة في إهتزاز مكانتة وسمعتة لدى العميل بصفة خاصة، ولدى مجتمع الأعمال بصفة عامة. كما قد تعرف المخاطرة في عملية المراجعة على أنها حدوث ضرر لمكتب مراقب الحسابات نتيجةً لإبداء رأي خاطئ عن عدالة عرض القوائم المالية التي تخضع لمراجعته، ويتمثل الضرر في شكل خسائر نقدية تدفع للعميل او للطرف الثالث، كتعويض عن إهمال المكتب في بذل العناية المهنية المعتادة، كما قد تكون الخسائر غير نقدية متمثلة في فقد مكتب مراقب الحسابات لسمعة المهنية.

تأثير المخاطرة فى عملية المراجعة على تقرير المراجع
لما كان المراجع ، يعتمد فى عمله على الفحص الإختيارى ، للدفاتر والسجلات المحاسبية وللمستندات ، المؤيدة لحدوث العمليات المالية ، فإن ذلك يضع بين يدى المراجع ، معلومات غير كافية ، تؤدى بطبيعة الحال إلى نوع من عدم التأكد ، وعدم التأكد هذا ، يؤدى بالمراجع إلى اتخاذ قرارات ، أو التوصل إلى استنتاجات قد تكون خاطئة . ويمكن القول أن تلك القرارات أو الإستنتاجات الخاطئة ، تأخذ اتجاهين متمايزين هما :

1-  قد تكون القوائم المالية معروضة بصورة عادلة ومعبرة عن المركز المالى ونتائج العمليات ، ومتسقة مع المبادئ المحاسبية التى تلقى القبول العام ، ومع ذلك نجد أن المراجع يتوصل بصورة خاطئة من خلال منهج الفحص الذى قام به إلى أن هذه القوائم غير سليمة ، وعليه فإنه يقوم بإصدار تقرير غير نظيف ( متحفظ ) عن تلك القوائم المالية .
2-  قد لا تكون القوائم المالية معروضة بصورة عادلة ، أو ليست معبرة عن المركز المالى ونتائج العمليات ، و / أو غير متسقة مع المبادئ المحاسبية التى تلقى القبول العام ، ومع ذلك نجد أن المراجع يتوصل بصورة خاطئة من خلال منهج الفحص الذى قام به ، إلى أن هذه القوائم سليمة ، وعليه فإنه يقوم بإصدار تقرير نظيف (غير متحفظ ) عن تلك القوائم المالية . ويطلق على الإتجاه الأول ، خطر ألفا Alpha Risk ، بينما يطلق على الإتجاه الثانى ، خطر بيتا Beta Risk ، ويتواجد كلٍ من هذين الخطرين ، حتى عند استخدام أسلوب  العينات الإحصائية فى أداء منهج المراجعة والفحص .

ويُلاحظ أن هذين الخطرين ، هما ( كلٍ على حده ) المحصلة النهائية للعناصر المكونة لمخاطر المراجعة ، والتى تصل بالمراجع إلى أحد هذين الخطرين ( الخطر النهائى ) . ويذكر البعض أن هذين الخطرين ، لا  يتم قياسهما بصورة دقيقة ، الأمر الذى يؤدى إلى أن يقوم المراجع فى بعض الحالات بعمل مجهود مهنى أقل من اللازم لضبط المخاطرة فى عملية المراجعة ، وفى حالات أخرى يقوم المراجع ، بعمل مجهود مهنى أكثر من اللازم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق